٢٠١١/١٢/٢١

العسكر هم وجع مصر والعقبة الرئيسية أمام استكمال الثورة

بقلم : مجدى أحمد حسين
magdyahmedhussein@gmail.com
أكرر التأكيد على هذا المعنى الرئيسى فى المقالات الأخيرة : العسكر هم وجع مصر الرئيسى والعقبة الرئيسية أمام استكمال الثورة . فالغابة الاعلامية المقروءة والمسموعة والمرئية تستهدف خلط الأمور وإرباك المواطن وإصابته بالدوار، وأخطر مايهدد الثورة بل وحتى المسيرة المعتادة للمجتمعات هو فقدان الرؤية الصحيحة ، وعدم ادراك من أين يأتى الخطر الرئيسى ، وعدم الامساك بالحلقة أو المهمة الرئيسية فى اللحظة المحددة . فالآن يتم إرباك الناس بالحديث عن الطرف


الثالث أو الفلول أو الأصابع الأجنبية لإشغالها عن الخطر الرئيسى وهو حكم العسكر السافر أو المستتر. المشكلة الرئيسية التى تعرقل الثورة منذ 11 فبراير حتى الآن ترجع إلى سبب رئيسى وهو رغبة العسكر فى وراثة حكم مبارك واختصار الثورة فى استبعاد الأسرة الحاكمة ومن يلوذ بها من الحلقة الضيقة المحيطة . وهذا يعنى استغفال شعب بأسره وثورة بأسرها وهذا شىء غير ممكن ، لذا يؤدى إلى كل هذه التقلصات التى ترونها بين الفينة والأخرى دون مبرر مقنع وواضح . واذا أنعمت النظر جيدا ستجد أن سلاسة تقدم الثورة التونسية نسبيا وتقدمها على المصرية يرجع أساسا إلى صغر حجم ووزن المؤسسة العسكرية وبالتالى قلة طموحاتها بصورة إجبارية ، وقد حاولت فى البداية أن تنقض على الثورة بتلميع رئيس الأركان ولكن لم يفلح السيناريو والحمد لله ، ولنلحظ أن عدد قوات الجيش التونسى 18 ألف وهورقم هزيل بالمقارنة مع الجيش المصرى حتى مع مراعاة العدد الكلى للسكان . والمسألة ليست مجرد عدد وقوة تسليحية رغم أهمية ذلك فى القوة والسيطرة فالجيش المصرى أصبح مؤسسة كبرى من كثرة بقائه فى السلطة ( 60 عاما ) حتى أصبح مؤسسة اقتصادية وعلمية وثقافية وتعليمية . والأهم من كل ذلك تاريخ الجيش المصرى عموما وتاريخه فى العقود الأخيرة فى مواجهة الخطر الصهيونى ، وهذا ما أعطاه مكانة أدبية وسياسية بالغة الأهمية من الصعب أن يحصل عليها جيش فى بلد لا يتهدده أى خطر خارجى مباشر كتونس مثلا . ولكن من المؤسف أن يستخدم كبار الضباط بالمجلس العسكرى هذا التاريخ وتوظيفه فى غير محله من خلال البحث عن الهيمنة السياسية.. ومع الأسف فإن كبار المؤسسة العسكرية تشغلهم الهيمنة السياسية أكثر من انشغالهم بقضايا الوطن . وقد اعتادوا أن يعملوا تحت مظلة كامب ديفيد ، ومفهومهم للوطنية ينحصر فى بعض المشكلات الفرعية مع أمريكا واسرائيل ، وهم يروجون فى الغرف المغلقة أنهم أعداء للحلف الصهيونى الأمريكى ولكنهم لايتجرأون على إعلان ذلك رغم أن هذا ضرورى سياسيا ، وهم يتعاملون مع الخلافات مع هذا الحلف المعادى بالقطعة ،مع اعتياد التعامل مع اسرئيل وأمريكا من منطلق التخلص من التبعية لهما بالتدريج خلال مزيد من عشرات السنين ، بعد ضياع 30 عاما من عمر الأمة فى ظل مبارك ، هذا هو برنامج الوطنيين فى المؤسسة العسكرية ، لذلك هم يفضلون التعاون مع عملاء أمريكا واسرائيل ويفتحون أمامهم كل الآفاق الاعلامية والسياسية ، ويحاربون حزبا كحزب العمل المعروف بمواقفه الحازمة من الحلف الصهيونى الأمريكى . والمؤسسة العسكرية ترى أن معركتها الآنية مع الثورة وليس مع أمريكا لأن الثورة هى التى تهدد سيطرتها السياسية . بل يبدو أن معركتها المزعومة مع أمريكا من أجل استقلال مصر مؤجلة دائما إلى أجل مسمى ، وهو موقف أشبه بالرجل المدمن على التدخين أو غيره ويقول إنه سيقلع عن هذه العادة السيئة أول الأسبوع القادم ، ولكنه لايفعل منذ 30 عاما . اذا راجعت محادثات كامب ديفيد ستجد أن كل مرافقى السادات من الخارجية والجيش كانوا مختلفين معه فى تساهله وتنازلاته ، وكان الأمريكيون يرون ذلك حتى انهم خشوا على حياة السادات وشددوا عليه الحراسة داخل المنتجع! ولكن استمر هؤلاء يعملون تحت إمرة السادات عدا ابراهيم كامل وزير الخارجية الذى استقال وليس من المصادفة أنه كان مدنيا ومن السياسيين القدامى ( الحزب الوطنى قبل 52 ). وتصور العسكريون أن كامب ديفيد مجرد حيلة للحصول على سيناء ، وانهم وافقوا فى نهاية الأمر بناء على ذلك . ولكننا لم نفقد سيادتنا على سيناء فحسب مقابل ذلك ، بل فقدنا استقلال مصر.

إن كبار المؤسسة العسكرية " المتهمين " بالوطنية لم يختلفوا مع الفاسدين والعملاء ولم يستفيدوا من مناخ الثورة ، وظل هاجسهم الرئيسى هو ضمان هيمنة وسيطرة العسكر على المشهد السياسى لا مواصلة تقويض أركان النظام السابق وإقامة دولة جديدة مستقلة .وهنا نأتى إلى أخطر وأدق تفاصيل المشهد الراهن الذى رأيناه فى موقعتى محمد محمود والقصر العينى . فالمؤسسة العسكرية ولا أقول المجلس العسكرى منقسمة إلى فريقين : فريق يريد استكمال الانتخابات بصورة طبيعية حتى وإن فاز فيها الاسلاميون وفريق آخر يريد التهديد على الأقل بوقف الانتخابات ويحذر من خطورة تسليم السلطة للاسلاميين . ويتصارع الفريقان على السيطرة على توجهات المجلس العسكرى وبالتحديد طنطاوى وعنان . وقد كان للمؤسسة العسكرية أفراد على الجانبين المشتبكين ، وسواء أكان ذلك بالاتفاق أو من خلال خلاف حقيقى بين فريقين عسكريين فالنتيجة واحدة : إظهار أن البلد تتهددها مخاطر أمنية خطيرة - تهديد استمرار العملية الانتخابية - تشويه صورة الثورة والثوار وفكرة الاعتصامات والمظاهرات طالما أنها ستؤدى إلى حرق المجمع العلمى ووزارة النقل ومايشبه ذلك - الاساءة للتيار الاسلامى بدعوى انشغاله بالانتخابات وترك المظاهرات رغم أن الهدف واحد وهو الخلاص من حكومة الجنزورى والحكم العسكرى ولكن عن طريق الانتخابات.

وتشير تقارير وشواهد واضحة إلى أن الانقسام العسكرى يعود إلى تضارب الاستشارات بين الجهازين الأساسيين: المخابرات العامة والمخابرات الحربية ، حيث يبدو أن طنطاوى وعنان يميلان إلى الأخذ باقتراحات الثانى . وهذا يفسر لماذا تنتقل الحالة الأمنية فجأة من الاستقرار والهدوء النسبى إلى العودة مرة أخرى إلى نقطة الصفر . ويبدو أن أجهزة الداخلية حائرة بين هذا التضارب العسكرى بعد أن فقدت صلابتها وقدرتها على المبادرة !!

ولكن الأهم من كل ذلك أن أى اختلاف فى المؤسسة العسكرية لايمس توحدها على النقاط الرئيسية : الاستمرار فى الضغط من أجل تجسيد الهيمنة العسكرية على الحياة السياسية أو فى الحد الأدنى ضمان عدم تدخل المؤسسات الدستورية فى شئون الدولة العسكرية باعتبارها دولة داخل الدولة ( المادة 9 و 10 فى وثيقة السلمى ) ، الحفاظ على نفس مستوى العلاقات مع أمريكا واسرائيل ، ضمان صياغة الدستور بما يضمن عدم جدية المرجعية الاسلامية ، ضوابط عسكرية للحياة الديمموقراطية ، رئيس الجمهورية لابد أن يكون عسكريا فاذا لم يتيسر يكون مدنيا طائعا ومبرمجا لها.

ستظل المؤسسة العسكرية مؤسسة وطنية بجسدها من الضباط والجنود وليس بقشرتها العلوية الفاسدة فى أغلب الأحوال ، والمؤسسة العسكرية لايمكن أن تكون أسوأ من الفلول وعملاء الخارج ، ولكنها الخطر الرئيسى لأنها هى التى تحتل السلطة وهى التى تعطى الحياة بتخاذلها للفلول وللعملاء على السواء، وهى التى تعطل تسليم السلطة وكلما اقتربت من تسليمها كلما كشفت عن شروطها المرفوضة لهذا التسليم ( وثيقة السلمى ). كذلك فنحن لسنا أمام جيش حرب الاستنزاف والعبور بل أمام جيش تعرض 30 سنة للفساد والإفساد وليست عمولات السلاح إلا رمزا لهذه الحقبة وهى الجريمة التى لايحاكم عنها مبارك لأنه ليس وحيدا فيها ! وليس أمامنا سوى سبيلين : المطالبة بتطهير الجيش ، أو فتح صفحة جديدة وعلى عقلاء القوات المسلحة أن يختاروا أحدهما.

ومفتاح الحل فى فتح صفحة جديدة هو الاسراع بتسليم السلطة للمدنيين بدون شروط غير قانونية وغير دستورية . واقترحنا ومانزال نلح بأن يقوم مجلس الشعب بتشكيل حكومة ائتلاف وطنى من القوى الممثلة داخل المجلس ، وتقوم هذه الحكومة باستلام السلطة من المجلس العسكرى وتتولى هى متابعة جدول إعادة بناء المؤسسات كما وردت فى الاستفتاء : انتخابات الشورى ، الجمعية التأسيسية ، الدستور ، انتخابات رئيس الجمهورية . ويكون لرئيس الوزراء حتى استكمال هذا البرنامج صلاحيات رئيس الجمهورية ( لاحظ أن المجلس العسكرى يدعى أنه أعطى صلاحيات رئيس الجمهورية للجنزورى!). ويتقلص دور المجلس العسكرى إلى الشئون الأمنية بالتعاون مع وزارة الداخلية ، مع العودة التدريجية لمهمته الأصلية داخل الثكنات وعلى الحدود.

إن استمرار الحكم العسكرى الانتقالى لمدة 6 شهور أخرى خطر داهم على البلاد ، ليس لسوء وتضارب قيادته للبلاد وفشله فيها فحسب بل أساسا بسبب تواصل أطماعه فى السيطرة على نظام الحكم القادم ، ويمكن ملاحظة ذلك من جدول أعمال المجلس الاستشارى غير الشرعى والمستمر فى عمله رغم استقالة ثلث أعضائه . ففى جدول أعمال هذا المجلس الاستشارى الكسيح : ضوابط اختيار أعضاء الجمعية التأسيسية ، أى أنهم لايريدون أن يتركوا أى شىء للبرلمان المنتخب ، اذن لماذا انتخبنا هذا البرلمان الذى لايختار حكومة ولايحاسبها ولايسحب الثقة منها ولامن أى وزير؟ بل قالوا أيضا أنه لن يقوم بالتشريع !!!!

ولكن تبقى الأهمية العظمى لتسليم السلطة فى شهر يناير القادم لحكومة مدنية منتخبة ضرورة وطنية للحفاظ على العلاقة الصحية بين الشعب والجيش ، وإلا سيتحمل المجلس العسكرى المسئولية التاريخية عن تدمير هذه العلاقة ، واعلموا أن الشعب لايهاب الجيش ولكن يحبه ويحترمه ، فاذا صممتم على مواصلة استخدام الجيش فى قمع الشعب فان الشعب لن يتراجع وسيقاوم الجيش ، وأنتم الذين حولتم محاكمة مبارك إلى مهزلة ستتعرضون للمحاكمة معه .

اللهم بلغت اللهم فاشهد

1 التعليقات:

آدم يقول...

تقدم شركة ركن كلين للخدمات المنزلية خدمات ابادة الحشرات ومكافحتها بشتي الطرق والوسائل الحديثة والمتطورة ومنها مكافحة الصراصير والنمل الابيض والذباب والناموس والفئران وبق الفراش والعتة والرمة والسوس والعناكب وجميع أنواع الحشرات الزاحفة والطائرة التي تهاجم المنازل والمحلات التجارية والشركات وجميع المناطق السكنية وأماكن العمل وتسعي شركة مكافحة حشرات الرياض لتحقيق المناخ الصحي والملائم للجميع.
شركة مكافحة حشرات شمال الرياض
شركة مكافحة حشرات شرق الرياض
شركة مكافحة حشرات غرب الرياض
شركة مكافحة حشرات جنوب الرياض
_____________
شركة رش مبيدات شمال الرياض
شركة رش مبيدات شرق الرياض
شركة رش مبيدات غرب الرياض
شركة رش مبيدات جنوب الرياض

المشاركات الشائعة

ممنوع © 2008 | تصميم وتطوير حسن