بقلم د. نجلاء القليوبى
بمناسبة مرور عام قضائى (أكثر من 9 شهور) على حبس مجدى أحمد حسين، لابد من وضع بعض الأمور فى نصابها الحقيقى، خاصة وأن الحياة السياسية عادت تمور من جديد وتتصاعد ضد استمرار سياسة التمديد للرئيس حسنى مبارك لفترة سادسة والتوريث لجمال مبارك كخطوة بديلة.
فالشائع أن مجدى حسين حوكم وسُجن لمدة عامين لأنه زار غزة أثناء العدوان عليها ورغم ما فى ذلك من شرف له ومن فضيحة للنظام الذى فعل ذلك، إلا أن ارتكاب هذه "الجريمة" كان يكفى لها الحبس لمدة أيام أو أسابيع أو بضع شهور حتى يردعوا كل من يفكر فى زيارة غزة بدون اذن السلطات.
فالشائع أن مجدى حسين حوكم وسُجن لمدة عامين لأنه زار غزة أثناء العدوان عليها ورغم ما فى ذلك من شرف له ومن فضيحة للنظام الذى فعل ذلك، إلا أن ارتكاب هذه "الجريمة" كان يكفى لها الحبس لمدة أيام أو أسابيع أو بضع شهور حتى يردعوا كل من يفكر فى زيارة غزة بدون اذن السلطات.
ولكن ذلك وإن كان صحيحا فهو أمر جزئى، أما الأساس فهو موقف مجدى حسين من قضية التمديد والتوريث، وقد رأت السلطات أن تريح رأسها من الذى يمثله، لأنه قرن بين موقفه وبين الحركة الدائبة فى صفوف الجماهير. وفى الشهور الأخيرة لم يتوقف مجدى حسين عن الجولات بين الناس والحديث معهم فى كل أحوال الوطن، بين القرى والنجوع إلى الدويقة إلى كل مساجد القاهرة الكبيرة والصغيرة، وخلال الحرب على غزة وصل الأمر الى حد تحديد إقامته فى البيت بالقوة الجبرية، فإذا خرج خرجت معه قوة من الأمن تحاصر تحركاته، وقاموا معه بتصرفات غير مسبوقة، حيث وصل الأمر فى العديد من المرات إلى ركوب ضباط الشرطة معه فى سيارته بالقوة!!
وكانت آخر اقتراحاته التى بدأت تلقى رواجا من الشباب وبعض القيادات الوطنية هى تنظيم مسيرة إلى القصر الجمهورى للمطالبة بعدم التمديد والتوريث، وكان موعدها فى أواخر فبراير 2009 أى قبل سجنه بـ 25 يوما.
أعنى من ذلك أن الحركة المناهضة للتمديد والتوريث يجب أن تتعامل مع مجدى حسين باعتباره أسير هذه الحركة، وليس محبوسا فى قضية جانبية، خاصة وأنه يُعد – وكل من حوكم مثله – مخطوفا، لأنه مع عدد من الشباب وأهل سيناء محبوسون بناء على محاكمة بقرار جمهورى، وليس على أساس قانون أو تشريع صادر عن السلطة التشريعية.
ومن أبجديات القانون أن هذا غير جائز، حتى المحبوسين بقانون الطوارىء فهم محبوسون وفقا لقانون تشريعى (قانون الطوارىء) وليس وفقا لقرار جمهورى هو بمنزلة قرار إدارى لأنه لم يعرض على البرلمان ولم يقر كقانون. ولا يجوز حبس مواطن بقرار إدارى!! فهذا ألف باء القانون.
فى ظل الاستبداد نحن ننتظر السجون تحت أى ذريعة، وكل القادة والمناضلين تعرضوا للسجن فى مصر وكل بلاد العالم، وهى ضريبة يدفعونها بقلب راض، وليست هذه هى المسألة، أن يكمل مجدى حسين حكم العامين أم لا؟ وإنما المهم هو وضع اعتقاله فى سياق حركة مناهضة التمديد والتوريث، وأن يكون التضامن معه والمطالبة بإطلاق سراحه أحد محاور اهتمامات الحركة المستمرة، باعتباره أسير هذه الحركة، وهذا يضيف لرصيدها ويردع السلطات عن التوسع فى ممارسات مماثلة. وهذه أيضا مهمة وسائل الاعلام التى ترفع شعار لا للتمديد لا للتوريث. لأن مجدى حسين يعاقب على مواقفه التى بدأت منذ عام 2002 حين دعا إلى استقالة الرئيس حسنى مبارك لموقفه من اجتياح القدس والضفة وغزة (مجزرة جنين)، ولمواقفه من المطالب الشعبية العديدة فى الأمور الداخلية، ثم دعا إلى إقالته عام 2003 بسبب موقفه من العدوان على العراق. وأول من كتب ضد جمال مبارك كوريث محتمل، فى عامى 2003 ، 2004.
أعنى من كل ذلك أن التضامن مع مجدى حسين والمطالبة بتحريره من هذا الاختطاف بقرار جمهورى، جزء لا يتجزأ من معركة التمديد والتوريث، ذلك أن اعتقال مجدى حسين يحمل رسالة واضحة للمعارضين: تكلموا كما شئتم عن التمديد والتوريث فى المقالات والغرف المغلقة، وربما فى الانترنت وما تيسر من الفضائيات، أما استمرار النزول للشارع والتفاعل مع الجماهير فهو خط أحمر وهذا ما تجاوزه مجدى حسين.
ولذلك فإن انسحاب حركة كفاية وأخواتها من الحركات الاحتجاجية الأخرى، من الشارع هو انتكاسة كبرى، وابتعاد عن خط العصيان المدنى. ولا نعنى بالشارع سلالم نقابة الصحفيين مع احترامنا لها، ولكن نعنى العمل وسط الجماهير أينما كانت، والتواصل مع حركاتها الاحتجاجية التى لم تتوقف لحظة واحدة من الاسكندرية لأسوان.
أما تشكيل لجان مكررة من نفس الأشخاص (ضد التوريث – من أجل نزاهة الانتخابات ...الخ) التى تجتمع فى غرف مغلقة وتدلى بتصريحات للصحف فلن يجدى فتيلا فى تعطيل مسيرة التمديد والتوريث.
نجلاء القليوبى
أمين عام مساعد حزب العمل
0 التعليقات:
إرسال تعليق